عاجل
الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
الجمهور.. سؤال الضرورة في العمل الإعلامي والإبداعي في مصر الآن

الجمهور.. سؤال الضرورة في العمل الإعلامي والإبداعي في مصر الآن

تسببت التعديلات الأخيرة في مجلس إدارة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية في طرح أسئلة وفتح أبواب الترقب والتوقع لدى العاملين والمهتمين بالعالم الإعلامي وعالم الدراما والإنتاج الفني في مصر.



 

وبات سؤال المستقبل مفتوحاً وتناول عدد من المهتمين تلك المسألة تناولاً واسعاً من وجهات نظر متعددة، وظل السؤال الهام عن دور مصر المحوري والتاريخي في تلك الصناعات الإبداعية والإعلامية هو أبرز الأسئلة المطروحة.

 

 ولكن ومع عالم معاصر امتزج فيه الإعلام والإنتاج الفني والثقافي وفنون التسلية في سبيكة واحدة، بات السؤال الذي لم يطرحه أحد بشكل واضح هو سؤال الضرورة الآن، وهو سؤال الجمهور. 

 

فبينما تجرب المؤسسات ذات القدرات الاقتصادية وصاحبة السلطة الثقافية والإعلامية العديد من الأساليب سواء بتجديد الرموز الإعلامية وتجديد النجوم في الدراما التليفزيونية وتبادل المقاعد، وتجديد الأدوار، وتغيير السياسات ومحاولات تجديد المحتوى، إلا أن أسئلة المستقبل تبقى مطروحة تنتظر الإجابة.

 

أما الملاحظة الهامة فهي أن الجمهور العام وحضوره على الشاشات وفي الفنون الدرامية يظل هو الهدف المنشود، وعليه فعملية رسم السياسات الإعلامية والفنية والثقافية ينبغي أن تتأمل الجهود وكيف يفكر حتى تستطيع الإجابة عن الأسئلة التقليدية الشهيرة في إنتاج الفنون والثقافة والإعلام، وهي ماذا وكيف وأين ومتى ولمن؟

 

أما السؤال لمن تقدم تلك الإنتاجات فهو سؤال الضرورة الأول الذي يحدد ماذا تقدم وكيف وأين ومتى؟

ولذلك فالجمهور المصري مختلف عن العربي، مختلف عن العرب والمصريين في المهجر.

إنه في صفته الأساسية جمهور كبير انتقائي، يمكن تقسيمه إلى جماعات تأويلية متعددة.

فأي جمهور نستهدف؟ هذا أمر هام جداً، من أجل وضع التصور والخطط التنفيذية.

ومصدر أهمية الجمهور أنه المتلقي الذي يتلقى المواد الثقافية والإعلامية ويعيد تأويلها وتفسيرها. 

إن المتلقي هو صاحب السلطة النهائية في منح الإنتاج المعروض عليه صفة القبول والمصداقية.

 

وفي الدراما تصبح أسئلة الجمهور أكثر تحديداً، وإن كانت أسئلة ذات صلة بالصناعات الإعلامية والإبداعية المتعددة.

 

وهي أسئلة من نوع: ما معنى الدراما المقدمة؟ هل يمكن فهم أعمال غريبة عنا ثقافياً وتاريخياً؟

وهل الفهم الموضوعي ممكن؟ أم أن كل فهم نسبي بالنسبة لوضعنا التاريخي؟

 

وهكذا يجب تأمل عملية التلقي، لأنها من أكثر العمليات تعقيداً، وتستلزم تداخل العديد من مناهج التناول لمحاولة تغطية كافة جوانبها.

 

وتأتي المسألة الجمالية على رأس عملية التأويل والتلقي، لأن التلقي الجمالي وفقاً للذوق العام السائد للجمهور وقدرة العمل الإبداعي على التواصل معه، هو المدخل الأول للعملية الثانية وهي التفسير والفهم.

 

مما يجعلنا نفهم أهمية العمليات الجمالية الوصفية والصياغة الجمالية المعيارية.  

مما يجعل الأثر الجمالي هدفاً حاضراً في حد ذاته، بالإضافة للمحتوى الفكري.

وبالتالي فعلينا أن نتأمل سلطة المتلقي.

إن ما بقي من الأعمال الدرامية والإنتاج الإعلامي التاريخي لمصر، والتي يسميها البعض بالروائع، ويراها البعض كنزاً مصرياً هاماً، صنع الدور التاريخي القيادي والمحوري لمصر في محيطها العربي والإقليمي، وتأثيره في الثقافة الإنسانية، يمكن بتأمله ملاحظة المهنية والدقة والرهافة والاهتمام بالتفاصيل الإنسانية.

 

 إنه الاهتمام الجمالي، الذي جعل الدراسة التعاقبية لتلك الأعمال تلحظ صمودها عبر الزمن، ووصولها للأجيال الجديدة من الجمهور. 

 

هذا وبمقارنتها بالأعمال الجديدة يمكن السؤال عن مدى صمود الأخيرة أمام الزمن، ومدى قدرتها على التأثير العميق في المتلقي.

 

لاحظ معي أن المعيار الجمالي الإنساني مشروط أيضاً بالتجربة الاجتماعية للمتلقي، فالأعمال الإبداعية لا تقيم في ضوء التجربة الجمالية فقط، بل في ضوء التجربة الاجتماعية للمتلقي في ظروف موضوعية محددة. 

 

لكن الأمر الجدير بالتأمل هي السمات المشتركة بين الأعمال التاريخية التي حصدت النجاح والاعتراف الجماهيري، وبين الأعمال الجديدة المعاصرة الناجحة. 

 

مما يدفعنا لفحص الأسباب رغم الفارق الزمني، إلا أن صفة المصداقية والتشابه مع البشر خارج الشاشات والعالم الدرامي، هي صفة أساسية مهنية وتحمل جوهر الإبداع والإعلام معاً.

 

إذ إن المصداقية تتحقق عندما ينجح العمل الإبداعي والإعلامي والفني في التفاعل مع العالم الموضوعي الخارجي تفاعلاً إيجابياً. 

 

ولهذا فقد يكون للنقاد وكتاب الأعمدة الرئيسية في الصحف، ولبعض من النشطاء الإلكترونيين القدرة على التأثير في استقبال الأعمال الفنية والإبداعية والإعلامية.

 

إلا أن الجمهور هو صاحب القرار النهائي. ودراسته وفهمه والإصغاء له وتحديد دوائره المتعددة، ضرورة ملحة الآن، ونحن نحاول العمل الجاد على تطوير الصناعات الإعلامية في مصر، والتي أصبحت هي والصناعات الثقافية في سبيكة واحدة في عالم معاصر واحد مفتوح للتأمل والنظر من زوايا تأمل متعددة، إذ لا بديل عن ثراء التنوع والتعدد والاعتراف بالسلطة النهائية للمتلقي.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز